رمضان ليس شهراً للصيام فقط

يوسف كنجو

يعتبر الكثيرون من غير المسلمين وممن لم يزورا البلاد الإسلامية أن شهر رمضان هو فقط شهر عبادة بامتياز. إلا أن الواقع يشير إلى ما هو أكثر من ذلك. فجوانب الحياة الأخرى تزدهر بشكل كبير كما هو الحال مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية في سورية وخاصة قبل الحرب

كما هو معلوم أن شهر رمضان يعني الامتناع عن الطعام خلال النهار، إلا أن المواد الغذائية التي تعرض في الأسواق الشعبية تتنوع في هذا الشهر وهذه المواد لا تتوفر إلا في هذا الشهر. وهذا عائد حقيقة إلى التنوع الكبير في الأطباق التي تُجهز لنهاية كل يوم في رمضان، سواء في البيوت أو المطاعم. حيث جرت العادة على الزيادة المفرطة في الطبخ من حيث النوع أو الكمية. وهناك تركيز بشكل أكبر على المشروبات والحلويات التي يزداد الطلب عليها ويكون تناولها بعد الإفطار، كما يتم تجهيز وشراء أنواع كثيرة من الحلويات لعيد الفطر ولهذا السبب ربما يسمى عيد الفطر في اللغة الألمانية بعيد الحلويات

يعتبر شهر رمضان شهر اقتصادي بامتياز، حيث تعتمد معظم المحال التجارية على مبيعات هذا الشهر، ويلاحظ زيادة نشاط المحال التجارية إلى ما يزيد عن 300% تقريبا وتفتح 24 ساعة تقريباً وخاصة تلك التي تبيع الألبسة بكافة أنواعها سواء للأطفال أو الرجال والنساء حيث معظم العائلات يتوجب عليها شراء ألبسة جديدة في شهر رمضان، بالإضافة إلى الهدايا التي يحصل عليها الأطفال ويكون لها جزء كبير من ميزانية العائلة. وهكذا يدفع زيادة النشاط التجاري في هذا الشهر، معظم أصحاب المهن وورشات التصنيع إلى مضاعفة العمل لتلبية الطلب حتى اليوم الأخير من رمضان

المسلسلات التلفزيونية في شهر رمضان، تعتبر إحدى مظاهر الحياة اليومية التي أصبحت عادة واشتهرت بشكل كبير في السنوات الماضية، وعادة تتنوع مواضيعها بين التاريخي والسياسي والاجتماعي. وهنا يجري تنافس حميم بين شركات الإنتاج في مختلف الدول العربية وبين قنوات التلفزيون الخاصة والعامة، ويكون العرض الأول في شهر رمضان، وهو يشكل بهذه الطريقة بداية السنة للأعمال التلفزيونية. فمثلاً في عام 2019، ورغم حالة الحرب المأسوية فقد اُنتج في داخل سورية 21 مسلسلاً تلفزيونياً، بالإضافة الى 6 أعمال أخرى أنتجت خارج سورية، جميعها عرضت في شهر رمضان. ولا يقتصر الإنتاج على المسلسلات وإنما هناك أيضا العديد من البرامج المتنوعة الترفيهية الأخرى خصيصاً لهذا الشهر. ربما يعود ذلك إلى أن المسلمين يتابعون المسلسلات بشهر رمضان أكثر من الأشهر الأخرى، سواء ما يعرض منها في الليل أو في النهار حيث يبقى الناس في البيت وقت أكبر من باقي الأشهر الأخرى وخاصة في الليل حيث السهر إلى وقت متأخر

في أيام رمضان عادة يتأخر السوريون في النوم وفي الصباح يتأخرون في الذهاب الى عملهم، وتعدل عادة الدوائر الحكومية بحيث يصبح وقت العمل أقصر من المعتاد. ولكن الملفت للنظر هو الازدحام الشديد قبل الإفطار، فالجميع يرغب في الوصول الى البيت لتناول العشاء هناك، والسبب في ذلك ان الجميع يعمل حتى آخر لحظة ومن ثم يذهب إلى البيت وهذا يتسبب بأزمة مرورية كبيرة أضف إلى ذلك الازدحام الشديد في محلات بيع الطعام

كما يُعتبر شهر رمضان شهراً اجتماعياً بامتياز، حيث يتبادل الجيران بعض اطباق الطعام فيما بينهم، والدعوات المتبادلة إلى العشاء فيما بينهم حيث يكون الإفطار عادة جماعياً في هذا الشهر وخاصة بين الأقارب، كما تزداد الصلوات الجماعية في المساجد وخاصة في الليل ويشارك عادة فيها الرجال والنساء والأطفال من مختلف الأعمار، وهذا يشكل فرصة سنوية لتقوية علاقات الصداقة والتعرف على ناس جدد وهي فرصة كبيرة للأمهات أيضاً للعثور على العروس المناسبة لأبنائهم الذين يرغبون بالزواج

tun051204

Foto: tünews INTERNATIONAL; Oula Mahfouz, 17.05.2020

المزيد من المعلومات حول كورونا بلغتكم إضغط هنا

TÜNEWS INTERNATIONAL

Related posts

Leave a Comment

Contact Us

Magazine Html