شعب الكلت في جنوب غرب ألمانيا

برنارد كيرشنر
قبل 2600 عام، كان لشعب الكلت في جنوب غرب ألمانيا النفوذ والسيطرة. كان أحد مراكزهم هو منطقة “هوينبورغ” فوق نهر الدانوب بالقرب من زيغمارينغن. أصبح لدى الكلت علاقات تجارية تصل حتى منطقة البحر الأبيض المتوسط. اظهرت الاكتشافات الأثرية مثل الحلي الذهبية والأواني الفاخرة المكتشفة فيما يُعرف بـ “القبور التلية” مدى ثروتهم وقوتهم. ووصل محاربوهم حتى إلى سوريا

لا توجد وثائق كتابية للكلت
لم يترك الكلت الأوائل أي دليل او وثيقة مكتوبة بأنفسهم. يظهرون فقط أحيانًا في كتابات اليونانيين والرومان. لهذا السبب يعتمد العلماء على الاكتشافات الأثرية. بالفعل اكتشفت آثار الكلت في العديد من الأماكن في بادن-فورتمبيرغ. حيث تم العثور خلال عمليات التنقيب الواسعة على حلي من الذهب والبرونز والكهرمان، وأوانٍ للخمر وأوانٍ فخارية مزخرفة في موقع “هوينبورغ” وفي القبور التلية (الرجمية) المجاورة. يُعتبر الموقع أقدم مدينة شمال جبال الألب. عاش هناك عدة آلاف من الناس. وكانت المنطقة المحصنة محاطة بجدار مرتفع مبني من الطوب الطيني، الذي استُمد تصميمه من منطقة البحر الأبيض المتوسط

تحصينات الكلت في جبال “الالب شفابية”
توجد حاليًا حفريات اثرية في منطقة “هاينغن” (محافظة رويتلينغن) في وادي “لاوترتال” بجبال “شفابيه”. يدرس علماء الآثار هنا من مكتب الاثار في ولاية بادن-فورتمبيرغ، بقايا مستوطنة كلتية على هضبة منذ أربع سنوات. تقع هذه المستوطنة على بُعد حوالي 20 كيلومترًا شمال “هوينيورغ”. تقع الهضبة التي يُطلق عليها اسم “آلتهانغن” على ارتفاع حوالي 100 متر فوق الوادي وتغطي مساحة تبلغ حوالي سبعة هكتارات، أي ما يعادل عشرة ملاعب كرة قدم. يمكن الوصول إلى الموقع بسهولة من جانب واحد فقط، في حين تنحدر الجوانب الأخرى بشكل حاد نحو الوادي. لا تزال الأسوار والخنادق المحيطة بالتحصينات واضحة حتى اليوم، حيث كانت تحمي السكان هناك من الهجمات، وفقًا لعالم الآثار البروفيسور ديرك كراوس

البحث عن بوابة المستوطنة الكلتية
عثر حتى الآن علماء الآثار على بقايا جدران ومنازل. وُجدت داخلها أجزاء من أوان فخارية مشابهة لتلك التي استخدمت في “هوينبورغ” المجاورة. كما تشير العظام الكثيرة المكتشفة إلى تربية الخنازير والدجاج. وربما تم نقلها إلى مقر الأمير في “هوينبورغ” لتزويد السكان بالطعام
ولكن، أين كان مدخل هذا الموقع المحصن؟ لا يزال هذا لغزًا بالنسبة للعلماء. حاليًا، تتم أعمال التنقيب في الزاوية الشمالية الغربية للموقع، حيث أظهرت الدراسات الجيومغناطيسية وجود بقايا منشآت غير عادية

دمار ناتج عن حريق هائل
يتلقى علماء الآثار في مكتب حماية الآثار في ولاية بادن-فورتمبيرغ دعمًا من متطوعين. تظهر كمية كبيرة من الحجارة في مربع تنقيب يبلغ مساحته 50 م وعمقه 1 م. حيث يوضح مدير الحفريات، لينارت براندستاتر، أنه لم تتضح بعد أي منشأة واضحة. الحجارة متراكمة فوق بعضها البعض، ومن الواضح أنها كانت جزءًا من مبنى ضخم. يعتقد كبير علماء الآثار، ديرك كراوس، أن الجدار قد يكون بلغ سماكته 3م وارتفاعه يصل إلى 5 م. ورغم ذلك، لا يزال موقع البوابة غامضًا
لكن من المؤكد أن هذا الموقع قد تعرض لدمار هائل بسبب حريق مدمر. العديد من الحجارة الجيرية تحولت إلى اللون الأحمر. وعند إزالة الحجارة تدريجيًا من الحفرة، تتفتت الكثير منها، مما يشير إلى تعرضها لحرارة شديدة، حسب كراوس أثناء فحصه الموقع مع عالم الآثار براندستاتر من جامعة توبنغن

السيطرة على طريق التجارة من نهر النيكر إلى نهر الدانوب
تدعم فرضية الحريق الهائل بقايا خشبية متفحمة تم العثور عليها في العام الماضي، كانت تقع تحت الحجارة التي تم إزالتها. ربما كانت هذه البقايا جزءًا من سقف أو ممر دفاعي للبوابة. لا يزال سبب إشعال النار في البوابة غير مؤكد، ويستطيع علماء الآثار فقط وضع فرضيات حول ذلك. ربما تعرضت المستوطنة للهجوم والتدمير من قبل كلت معادين
ويفترض البروفيسور كراوس أن المستوطنة كانت تسيطر على الوادي وتحمي طريقًا تجاريًا مهمًا. ربما كانت هذه المستوطنة عبارة عن نقطة أمامية تابعة لموقع “هوينيورغ”. يصب نهر “لاوتر” جنوبًا في نهر الدانوب، الذي كان يُستخدم لنقل سلع ثمينة مثل الكهرمان القادم من بحر البلطيق إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط. وتم العثور على حلي مصنوعة من هذا الكهرمان الثمين في قبور بمصر ولبنان وسوريا وبلاد ما بين النهرين، وهي العراق حاليًا

دمار وهجرة الكلت
 تعرضت مستوطنة “هوينبورغ”في القرن الخامس قبل الميلاد للدمار، مما أدى إلى انهيار النظام هناك. كذلك تم التخلي عن “آلتهانغن”. يعتقد الخبراء أن تغير المناخ قد تسبب في ضعف المحاصيل الزراعية، مما دفع جزءًا كبيرًا من السكان إلى الهجرة. ظهر الكلت فجأة حوالي عام 400 قبل الميلاد، في منطقة البحر الأبيض المتوسط. أثار محاربوهم الرعب في اليونان وإيطاليا، ووصلوا حتى إلى تركيا الحالية، حيث استقروا بالقرب من أنقرة، وأطلق عليهم اسم “الغلاطيون” في الكتابات التاريخية
كان الكلت معروفين بشجاعتهم في القتال، حيث خدموا كمرتزقة لدى حكام أجانب مثل الإسكندر الأكبر والملوك المحليين في سوريا
لمن يرغب في معرفة المزيد عن حياة وثقافة الكلت الأوائل في جنوب غرب ألمانيا، يمكن زيارة متحف “هوينبورغ”. على سفح الجبل المطل على نهر الدانوب، تم إعادة بناء أجزاء من جدار الطوب الطيني وبعض المباني. كما يمكن الاطلاع على الروابط التالية
www.heuneburg-pyrene.de
www.heuneburg.de

tun24073004

www.tuenews.de

Blick vom Bergsporn Althayingen ins Lautertal. Foto: tuenews INTERNATIONAL / Bernhard Kirschner.
002592

TÜNEWS INTERNATIONAL

Related posts

Contact Us

Magazine Html